Montag, 23. Juni 2014

في شهر رمضان: طقوس اجتماعية ابتغاء مرضاة الله

في كل عام يستعد العرب لاستقبال شهر رمضان ضيفهم المحبب إلى قلوبهم، هذا الشهر الذي يحمل بين طياته الكثير من الرحمة والمغفرة فيسعى كل بلد من بلدان الوطن العربي إلى ممارسة الطقوس الاجتماعية التي ترافق الطقوس الدينية، وما اكثرها، وما هي إلا عادات متممة للعبادة الدينية مثل التودد والتقرب بين الأهل والجيران، والتواصل مع الأرحام وإقامة موائد الإفطار الرمضانية، والتطوع في خدمة الصائمين وتقديم وجبات الإفطار لهم، تزين الشوارع احتفالاً بقدوم الضيف إضافة إلى المسحراتي الذي يوقظ الناس من أجل تناول وجبة السحور قبل صلاة الفجر، ولايمكننا ان ننسى الحكواتي الذي يروي القصص البطولية التي يتفاعل معها الجمهور بكل حماسة لأنها تحمل الكثير من القيم السامية التي بدأنا نفقدها يوما بعد يوم.


وبالرغم من أن الكثير من تلك الطقوس بدأت تنقرض إلا أن البعض أخذ بإحيائها مرة أخرى وجعلها جزءا من التراث الشعبي الإنساني كالمسحراتي والحكواتي.


الحكواتي


مهنة عمل بها الكثير من الشخصيات التي لابد أن تمتلك سمات تجمع مابين قوة الفارس في حماسه، وقدرة الممثل على إقناع مشاهديه بحيث يجسد دور الشخصية التي يحكي عنها بالحركة والصوت، وهي مهنة عرفتها بلاد الشام منذ مطلع القرن التاسع عشر، وحظيت بشعبية كبيرة جعلتها جزءاً من التراث الشعبي في هذه البلاد واشتهرت مدينة دمشق شهرة كبيرة بـ الحكواتي فلا يوجد مقهى من مقاهي مدينة دمشق الا ويوجد فيه الحكواتي حيث كان الرجال يقصدون المقاهي المنتشرة في المدينة لاستماع قصص الزير سالم والظاهر بيبرس والف ليلة وليلة وقصص عنتره البطولية.


وعمل الحكواتي يمتد يومياً على فترتين: بين صلاتي المغرب والعشاء وهي فترة قصيرة لا تزيد على الساعة، وبعد صلاة العشاء، وتمتد أحياناً حتى ساعات الفجر الأولى.


فيقف الحكواتي مستعيناً بكتاب يصطحبه معه بشكل دائم، ويبدأ سرد الرواية أوالحكاية التي غالباً ما تكون عن شخصية تاريخية وتدور جميعها عن البطولة والشجاعة والشرف والمروءة ونصرة المظلوم.


وفي نهاية كل حكاية لا بد وأن ينتصر الخير الذي يمثله بطل الرواية. ويبقي الحكواتي جمهوره في تشوق دائم لمعرفة وقائع القصة أولاً بأول واذا ما طالت الحكاية لليال وأيام، فانه كان يحرص على أن تنتهي أحداث القصة كل ليلة بموقف متأزم والبطل في مأزق حتى يحمّس المتلقي ويجعله متشوقاً لسماع بقية الأحداث وكيف سيخلص البطل نفسه من المأزق.


وما يزيد في الحماسة والتشويق أن الحكواتي كان يقوم بتجسيد شخصيات روايته وكلامهم بتحريك يديه وترفيع صوته أوتضخيمه. والمفارقة في الأمر أن بعض جمهور الحكواتي كان يرفض الذهاب إلى بيته قبل أن يستمع إلى بقية القصة ويطمئن إلى أن بطله اجتاز محنته. ووصل الأمر مرة إلى درجة أن أحد المستمعين لم يستطع أن يصبر إلى اليوم التالي، فلحق بالحكواتي إلى بيته ليعرف بقية القصة.


ويعمل الحكواتي على اختيار قصص تتناسب مع الشهر الفضيل والقيم التي يمثلها، وهذه القيم عادة ما كان الحكواتي يتحدث عنها وعن فضائلها في رواياته ومجسدة بتصرفات أبطال هذه الروايات. كما أن الصائم بعد الصيام والتعبد فهويحتاج إلى وقت للراحة والترويح عن النفس، فيجد في جلسة الحكواتي ذلك، لكن طبعاً بعد أن يكون أدى صلاة التراويح.


المسحراتي

فقد ارتبط تواجده بقدوم رمضان وهورجل يطوف بالبيوت ليوقظ الناس قبيل أذان الفجر يضرب على الطبلة ويردد بعض العبارات مثل “قم يا نايم وحد الدايم” أو”سحور يا عباد الله” وأحيانا ينادي الأشخاص بأسمائهم إن كان يعرفهم، وعادة لكل حي مسحر أواكثر حسب مساحة الحي وكثرة سكانه، ويبدأ المسحر جولته اليومية قبل موعد الإمساك بساعتين، يحمل طبلته بحبل برقبته فتتدلى إلى صدره، أويحملها بيده ويبدأ بذكر العبارات التي ينادي بها إضافة إلى المدائح النبوية، وكان الجميع يعتمدون عليه في نهوضهم للسحور.


وكان للمسحر ثلاث جولات: إحداها يومية تشمل كل الحي لإيقاظ الناس وقت السحر، والثانية يومية تشمل بعض الاحياء بالتناوب لجمع الطعام والمساعدات، اما الجولة الثالثة للمسحر فكانت أيام العيد لجمع العيديات من الناس وترافقه في هذه الجولات طبلته التي هي بمثابة هويته الخاصة.


بدأت مهنة المسحراتي أيام الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي أصدر أمراً بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور، أما اول مسحراتي فعلي في مصر فكان “عتبة بن اسحق” والي مصر أيام الفتح الإسلامي وكان يخرج بنفسه لتسحير الناس، ولم يصبح التسحير كحرفة إلا في بغداد زمن الدولة العباسية حيث ابتكر البغداديون فن الحجازي وفن “القومة” وهما من فنون الأدب الشعبي والقومة بالتحديد كان مختصاً بالغناء في سحور رمضان، وكان مسحروبغداد يستعينون بمختلف الآلات الموسيقية في عملهم.


وكان المسحراتي في الماضي قريباً من الناس بحيث أن عرف أن أحد سكان الحي رزق بولد فيخصه بنشيد يبتهل فيه إلى الله حفظه، ويترحم على الموتى الذين فقدهم كل بيت.


الفانوس الرمضاني


تعتبر مصر من أكثر الدول استخداماً للفانوس كتقليد فى شهر مضان. غالباً يعود هذا التقليد إلى العصر الفاطمى حيث كان الفانوس يُصنع من النحاس ويوضع بداخله شمعة، بعد ذلك أصبح الفانوس يُصنع من الصفيح والزجاج الملون، أما الآن فأغلب الفوانيس الحديثة تصنع من البلاستيك وتعمل بالبطاريات ولها أحجام وأشكال مختلفة.


كان الأطفال فى العصر الماضى قبل انتشار الكهرباء يستمتعون بالفانوس حيث كان يستمتع كل طفل بالإضاءة التى يحصل عليها من فانوسه. كانوا يخرجون للشوارع بعد الإفطار حيث تكون الشوارع مظلمة إلا من أنوار فوانيسهم. كانوا يجتمعون معاً ويغنون بعض الأغانى مثل “وحوى يا وحوى”، ويستمتعون باللعب معاً أويذهبون لزيارة أحد الكبار ليحكي لهم حكاية.


هناك العديد من القصص عن أصل الفانوس. احدى هذه القصص أن الخليفة الفاطمى كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق.


كان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معاً بغناء بعض الأغانى الجميلة تعبيراً عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان. هناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضيء شوارع القاهرة طوال ليالى شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها.


وهناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضيء شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها. وتروى قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوساً لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا.

بهذا الشكل كانت النساء يستمتعن بالخروج وفى نفس الوقت لا يراهن الرجال..


تبادل الأطباق الرمضانية


ان اواصر المحبة والألفة بين الأفراد تشتد في شهر رمضان المبارك حيث يتبادل المصلون تحيات الود والمحبة وتقوى هذه الاواصر من خلال تبرع الموسرين على المحتاجين بالهبات والزكاة والصدقات والكفارات التي يقوم بها افراد مختصون يجمعون المال والسلع الاخرى لتوزع على الفقراء ولايمنع الموسرون اومتوسطوالحال من دعوة اقاربهم واصدقائهم الى موائد الافطار.


ولعل تبادل أطباق الطعام قبل أذان المغرب بين الجيران هي من أبرز سمات التواصل الاجتماعي في شهر رمضان التي تدل على الترابط والتواصل بين الجيران والإحساس بعضهم البعض.


وهي من العادات والتقاليد المتوارثة في مجتمعنا منذ زمن بعيد، فمنذ اليوم الاول للصيام وحتى آخر يوم تمتلئ الحارات والطرقات بالصبية والأولاد والنساء والرجال الكل يحمل بيده ما لذ وطاب من الأطباق البعض يأخذ المسألة من مأخذ انه واجب من واجبات رمضان والبعض يستحي رد الاطباق خالية وآخرون قد يتباهون بما صنعوا من طعام.. وآخرون كصدقة واحسان على الفقراء والمساكين.


مساء كل يوم ترى الطرقات وكل من فيها اواغلب من فيها لا الا وقد امتلأت يداه بالاطباق والمغلفات وكأنما هذا المنظر لا نشاهده الا مساء كل يوم في رمضان فقط اوكأنه احدى عادات رمضان.


موائد الرحمن


يكاد لا يخلو مسجد وحي من موائد يقيمها اهل الخير ويؤمها المئات من الفقراء الصائمين، لذلك عادة عندما يذكر مصطلح موائد الرحمن،حيث تعلق الزينات وترفع الرايات وتضاء الانوار وتقام حلقات الذكر للرجال وحلقات اخرى للنساء.


حيث تجهز الخيم بالأجواء الرمضانية لتنم عن فرحة الصائمين بقدوم شهر رمضان وما يحمله من روحانية وتفاؤل للمسلمين، والجميل بأمر موائد الرحمن هوتضافر الناحية المادية مع الناحية المعنوية حيث يقوم الموسورون بدعم هذه الخيم ماديا من حيث توفير وجبات الإفطار لكل الصائمين سواء للفقراء أوللذين لم يسعفهم الوقت للوصول إلى المنزل في وقت الإفطار المحدد، نجدها منتشرة في دول الخليج بحيث يتواجد فيها عدد كبير من العمال البسيطين الذين تكون رواتبهم محدودة.


اما الناحية المعنوية فتتمثل بفئة الشباب الذين يقدمون خدماتهم التطوعية من خلال تجهيز الموائد بكل الاحتياجات والعمل على خدمة وتلبية رغبات الصائمين، وهذا المجهود الذي يقومون به ماهوإلا ابتغاء مرضاة الله وكسب الأجر والثواب من عنده سبحانه وتعالى.





في شهر رمضان: طقوس اجتماعية ابتغاء مرضاة الله

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen