Dienstag, 24. Juni 2014

ياسمينة دمشقية

بقلم زينب شيحة



وافق والدا ياسمين على زواج ابنتهما، فالعريس رجل كامل بكافة المقاييس الشرقية فهوطبيب حاصل على شهادته من ألمانيا ويقيم ويعمل في برلين، وميسور الحال، لقد قدم لياسمين مهرا يليق بصفاء وجهها الطفولي وروحها التي تنبض بالحيوية والشقاوة، لأنها مدللة ووحيدة بين ثلاثة من الذكور وكل ما ترغب فيه يأتيها على طبق من ذهب. كان والداها ينظران لها وكأنها ياسمينة خضراء تنموداخل المنزل معششة على جدران قلبيهما تفوح بالطيب فلكل امرئ نصيب من اسمه، وها هي قد أتمت عامها العشرين ولا بد لقلب آخر أن تعشش عليه ياسمين.


 


بعد أن انتهت مراسم الزفاف جهزت حقائب ياسمين استعداداً للرحيل. اعتصر قلب والديها عند وداعها فقد شما رائحتها عند تقبيلها ليخزناها في ذاكرتهما للحؤول دون أن يمر صباحا بعد غيابها من غير أن تفوح تلك الرائحة في البيت.


 


وعندما طارت الطائرة محملة بأغلى إنسان على قلب عائلة ياسمين جميعها، عاد الكل والحزن يخيم على الوجوه فالشقية التي كانت تملأ أركان البيت بضجيجها وصخبها الذي يسعد كل من حولها قد غابت.



اتصلت ياسمين بأهلها عدة مرات بعد وصولها تطمئنهم عن أحوالها ولتحدثهم عن سعادتها بالحياة الجديدة وعن البلد وأجوائه التي تختلف كل الاختلاف عن بلدها، ولكن بعد أشهر بدأت نبرة صوت ياسمين تتغير شيئاً فشيئاً فلم يعد صوتها يعج بالسعادة والبهجة والإشراق، فكانت تبرر لوالديها سبب صوتها الحزين بأنها تفتقدهم.. وتفتقد اخوتها والبلد وأصدقاءها وكل شيء مرتبط بالعشرين عاماً التي قضتها في أحضان عائلتها.



مضت الأيام ومضت شهور ولم تعد عائلة ياسمين تسمع شيئاً عنها لأن اتصالاتها بهم انقطعت. القلق بدأ ينهش العائلة، وحول حياتهم إلى جحيم. حاولوا بشتى السبل الاتصال بأهل العريس لكن لا أحد يجيب، حتى ان اخوتها ذهبوا لمنزلهم لكن دون جدوى، فما كان من والدها إلا ان اتصل بصديق له يقيم في باريس وسأله المساعدة.

تأثر صديق الوالد وقرر السفر إلى ألمانيا حيث تقطن ياسمين وزوجها.



وصل أبوفراس إلى العنوان الذي أعطاه اياه أبوياسمين وطرق الباب، لكن لا احد يجيب أصر اكثر واكثر وإذا بصوت من وراء الباب يجيب.


ياسمين أنا أبوفراس صديق والدك افتحي الباب.

صرخت ياسمين عمي أبوفراس أرجوك اخرجني أريد العودة إلى بلدي لم أعد أطيق الحياة هنا.

ولكن لم لا تفتحين الباب؟

لا استطيع لأن عمر يقفل الباب علي كل يوم هكذا. حتى اسلاك الهاتف قطعها حتى لا اتمكن من الاتصال بأهلي.


 


بكاؤها المرير واستنجادها بأبي فراس جعله يتوجه مباشرة إلى البوليس ليخبره بما يجري حتى يتمكن من مساعدتها وإخراجها من ذلك السجن.


بعد أن شرح أبوفراس القصة للبوليس توضح له بعد الاستقصاء عنه أن عمر ليس بطبيب وأنه مجرد موظف بسيط في احد مستشفيات برلين.


انطلق أبوفراس مع البوليس حيث ياسمين. وبعد خلع الباب تمكن البوليس من الدخول.


ولكن صدمة أبي فراس كانت كبيرة عندما رأى ياسمين تلك الفتاة التي تتوهج أنوثة وجمالاً قد تحولت إلى مجند يحارب على جبهات الحرب.


كانت ياسمين حليقة الرأس فقد تعمد زوجها فعل ذلك حتى لا تتجرأ على الخروج، والكدمات تملأ وجهها الطفولي البريء.


بدأت تروي حكايتها مع زوجها عمر الذي كان يعود يومياً مترنحاً من سكره هو وصديقته، ليكملا سهرتهما الحمراء في المنزل.


وفي الصباح عندما كان يعود له وعيه بعد انقضاء مفعول الكحول كانت تتحدث معه لتفهم منه ما يجري حولها علها تجد تفسيرا للكابوس الذي تعيشه. ولكن ردود فعله لم تكن سلمية كما هي طريقة ياسمين بل كان يرد عليها بالشتائم والضرب.


بعدما استمع البوليس لكل كلام ياسمين، توجه نحومكان عمل عمر وألقى القبض عليه.. وتبين من بعد التحقيق أنه يعاني من أمراض نفسية جعلته يتصرف بذلك القبح.


حزمت ياسمين حقائبها المعبأة بالألم والحسرة على تلك المرحلة التي مرت من حياتها والتي من المفترض أن تكون أجملها، وتوجهت نحوالمطار لتقلع طائرة حريتها نحو مسقط رأسها مقتنعة بأن ليس كل ما يلمع ذهباً، لأن ذلك اللمعان ما هوإلا بريق خادع يخفي خلفه من القبح ما يكفي ليشوه كل جمال ينظر إليه.



ياسمينة دمشقية

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen