“الحوادث التي جرت مؤخراً كان سببها الخطأ البشري”
في الآونة الأخيرة تصاعدت حوادث الطيران بصورة مثيرة للقلق، فلم يكد يمضي شهر من دون حوادث تذكر وخصوصاً خلال هذا العام الذي تخللته الكثير من الحوادث مسببة الكثير من الخسائر البشرية. أسئلة كثيرة تطرح نفسها… ما الذي يحدث لقطاع النقل الجوي؟ وما الأسباب التي تقف وراء ارتفاع معدل الحوادث الجوية؟ خصوصا أن هذه الحوادث تتزامن مع التطور الكبير الذي حظيت به صناعة الطائرات، وبالرغم من ذلك فإن الكثير من خبراء النقل ما زالوا يعتبرونها أكثر وسائل السفر أمنا. ولتوضيح حقيقة تلك المقولة استضافت مجلة “دليل العرب” الكابتن رجا أبو زينة المستشار لعدة شركات طيران.
دخل الكابتن رجا أبو زينة سلاح الجو الأردني عام 1960 ومن حسن حظه كما قال أنه قد تعلم فن الطيران في بريطانيا ضمن سلاح الجو البريطاني، ولما أنهى دراسته حصل على جناح الطيران وعاد كطيار إلى الأردن، وخدم في سلاح الجو الأردني إلى عام 1967. قضى سبع سنوات طيارا عسكريا في الأردن وخدم خمس سنوات في سلاح جو الإمارات في أبوظبي.
- ما مدى المصداقية التي تكمن وراء مقولة “الطائرة أكثر وسائل السفر أمناً” بالرغم من كل الحوادث التي جرت مؤخراً؟
أنا أوأكد على صحة هذه المقولة، والسفر بالطائرة كان ومازال من أكثر وسائل النقل أمناً على الإطلاق، فالطيارون يتلقون تدريبا كاملا، والمساعدون كذلك حتى يصل المسافرون بأمان إلى وجهاتهم، ولكن مع الأسف عند وقوع الحادث يسعى الإعلام لتضخيم الحدث من أجل جذب الاهتمام، فنظام الطيران قائم على أساس تصحيح أي خلل في الطائرة وهناك جهاز مصمم مسبقاً ليحل الخلل، وبسبب تطور صناعة الطيران ودخول الكمبيوتر فيها تقلص طاقم الطيارين من سبعة إلى اثنين، لكن إذا وقع القدر فلا حول و لا قوة إلا بالله.
-عند وقوع حادث طيران كثيراً ما نسمع أنهم في حالة بحث عن الصندوق الأسود.. ما هو الصندوق الأسود وما هي مهمته؟ ولماذا سمي بالصندوق الأسود؟
حقيقة هو ليس أسود اللون كما يطلق عليه فهو برتقالي اللون يمكن اكتشافه وخصوصاً في الماء، وأطلق عليه الصندوق الأسود لأنه مرتبط بالحوادث والمآسي، وهو عبارة عن صندوقين وليس صندوقا واحدا، أحدهما يسجل حركات طاقم الطائرة والكلام الذي يدور خلال نصف الساعة الأخيرة، والصندوق الثاني يتعلق بأجهزة الطائرة ومدى فعاليتها وأداء عملها خلال الرحلة بمعنى هل عجلات الطائرة مستعدة للهبوط أم لا؟ وهل تعمل المحركات كما يجب؟ وكذلك الساعات هل هي تعمل أم لا؟ فهو يعطيك تفاصيل كاملة عن أجهزة الطائرة وصلاحيتها، ومن خلالها يمكنك ان تحلل الذي حدث، والصندوق الثاني هو الأهم فهو يعطيك معلومات أكثر.
- مارأيك وأنت خبير طيران في الحوادث التي جرت مؤخراً؟
كل الحوادث التي جرت مؤخراً كان سببها خطأ بشريا ولم يكن خطأ من صنع الطائرة، مع مساعدة أحوال الطقس، التي تتغير كلياً وكان الله في عوننا من القادم، فالشمس قد حدث فيها انفجار وخرجت منها كتلة مشتعلة فهذه هي أحد الأسباب حالياً، إضافة إلى قطع الأشجار، فهذا يؤدي إلى انحباس حراري، وكذلك دخان المصانع الذي يزداد بكثرة، إضافة للطائرات نفسها فأعداد الطائرات بازدياد، وأعدادها لا تحصى، والطائرة الواحدة تحرق بالدقيقة الواحدة ما لا يقل عن 12 طنا من الهواء، فإذا استمرت رحلة الطائرة تقريباً 8 ساعات وكل دقيقة تحرق هذه الكمية من الهواء فهذا يشكل طبقة هائلة من ثاني أوكسيد الكربون.
“أحوال الطقس تتغير كلياً وكان الله في عوننا من القادم”
- إذاً اشرح لنا ما هو الخطأ البشري الذي حدث في الطائرات التي سقطت مؤخراً؟
الحوادث الأخيرة كانت كلها من الممكن أن تجنب، أكثر الحوادث إيلاما كانت حادثة الطائرة اللبنانية، وباعتقادي الأسباب بسيطة جداً فالكابتن طلب من المساعد أن يشغل الجهاز المسؤول عن عمل الطيران الآلي فالمساعد أداره ولكنه لم يتأكد من أنه قد اشتغل تماماً، فبالنسبة لهم كانت الطائرة تعمل لوحدها، فظلت تميل إلى أن وقعت في البحر. فهي غلطة الطيار والتحاليل كثيرة.
أما الطائرة الليبية فهي تطير والشمس ساطعة بعيون الطيار، وهو مرهق بسبب الرحلة الطويلة فكان لديه خطأ في الهبوط فقد هبط أكثر مما يلزم والنقطة الجوهرية في الحادث أن المدرج كان شرقياً، والمدرجات الشرقية في العالم العربي يتم الهبوط عليها بمعدل 10- 20% فالهواء في القسم الشمالي من الكرة الأرضية يأتي من الغرب ومعظم المدرجات في العالم العربي باتجاه الغرب فتصادف أن كان المدرج شرقيا الذي هبطت عليه الطائرة الليبية، والمدرج الشرقي ليس مجهزاً بوسائل الهبوط المصانة مثل المدرج الغربي. فعلى هيئة الطيران في العالم العربي الاهتمام أكثر بالمدرجات الشرقية فقد أصبحت تستعمل أكثر من السابق لأن اتجاه الهواء قد تتغير نتيجة تغير الأحوال المناخية مؤخرا،ً فقد كان الهواء غربياً أما الآن فأصبح بنسبة 30% شرقيا فالحوادث الأخيرة كانت بسبب المدرج الشرقي.
أما الطائرة البولندية التي هبطت في روسيا فقد تلقت أوامر من الأرض بعدم الهبوط، ولكن الضغط الذي مورس على الطيار من قبل المسؤولين الذين كانوا على متن الطائرة دفع به للهبوط، حاول الطيار الهبوط مرة ومرتين وفي المحاولة الأخيرة اصطدم بالأشجار. والمطار الذي هبطت به قديم وغير مؤهل حتى الذين يعملون ببرج المراقبة ليس لديهم الخبرة الكافية. والطائرة الهندية كل ما هنالك بأمر الحادث أنه بدلاً من أن يهبط الكابتن في أول المدرج هبط في منتصف المدرج، وعندما وجد انه ليس بالإمكان أن يقف في نهاية المدرج فقرر الإقلاع ولكنه تأخر بقراره عدة ثواني وعندما أقلعت اصطدمت بأحد الأعمدة الذي هو احد وسائل الهبوط، بأقصى قوة اندفاع.
أما الطائرة الفرنسية التي أقلعت من البرازيل، فقد طارت فوق خط الاستواء والطقس المسيطر على المنطقة من أسوأ أنواع الطقس في الكرة الأرضية، حيث يلتقي الهواء الآتي من القسم الشمالي مع الهواء الآتي من القسم الجنوبي ليكون الغيوم المليئة بالرعود والصواعق، وفي تلك الليلة كان الطقس من أصعب ما يكون. فالطائرة عندما دخلت في هذا الطقس الغريب تعطلت بسبب الصواعق، والهيدروليك توقف عن العمل، والأنبوب الذي يقيس سرعة الهواء والموجود في أسفل الطائرة كذلك لم يعد يعمل، والصعوبة القصوى أن الضغط قد فرغ تماماً من الطائرة، وتفجرت بالجو بتضافر تلك العوامل. والطيار لم يستطيع أن يبتعد عن المنطقة لأن خط الاستواء الذي دخل فيه يبلغ 500 ميل ولا يستطيع تجنبه. يجب على الفرنسيين أن يلوموا أنفسهم الآن بعد أن سقطت الطائرة الفرنسية، لأنه عندما سقطت الطائرة اليمنية في المحيط الهندي على بعد كيلومترات من سواحل جزر القمر سارعت فرنسا إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الخطوط الجوية اليمنية وسعت لإخلاء نفسها من مسؤولية سقوط طائراتها وإيجاد شرخ في العلاقات اليمنية القمرية، في وقت تعد الخطوط الجوية اليمنية الناقل الجوي الوحيد لرعايا جزر القمر، والوحيدة التي تتجرأ على الطيران بالليل إلى منطقة جزر القمر، في الوقت الذي يرفض فيه الطيارون الأوروبيون الخبراء الطيران إلى تلك المنطقة ليلاً. لكن الطيارين اليمنبين عملوا على ذلك الخط طيلة 18 سنة وبأمان كامل، حتى شاء القدر وحدث ما حدث، وحتى الآن لم تظهر النتائج لتفند الذي حصل.
- هل أنت مع قرار إغلاق المطارات البريطانية وتعطيل العديد من الرحلات نتيجة سحابة الرماد البركاني؟
ما حدث كان خطأ كبيرا وليس من المفروض أن تتوقف المطارات
-لماذا؟
نعم للقرار لو كان مفروضاً على الطائرات المرور من فوق البركان الثائر، ولكن ما حدث في أوروبا مؤخراً من تعطيل للمطارات وتعطيل للرحلات، كان خطأ فادحاً، والقائمون على اتخاذ القرار كانوا مخطئين، ونحن وجهنا لهم اللوم من خلال برنامج لجنة تقصي الحقائق الذي عرض على قناة الـ بي بي سي العربية وشارك معي في البرنامج الطيار البريطاني الذي عاش تجربة الطيران فوق بركان جاكارتا في طريقه إلى استراليا، فقد روى ما حدث حينها لم يكن مدركاً أنه دخل ضمن نطاق هواء البركان، فقد مر من فوقه تماماً فوصف ما رآه وقال إنه قد دخل ضمن زوبعة من الألوان والعواصف اللامعة، فحاول مراراً وتكراراً تشغيل محركات الطائرة ولكن عبثاً لأن هذا الغبار يدخل إلى المحركات ويعطل الحركة، ولما خرج من النطاق أصبح في حالة هبوط ولكنه مستمر بالطيران بحالة الطيران الشراعي، وتمكن بعد ذلك من تشغيل الطائرة مجدداً، ونحن هنا في بريطانيا بعيدون عن آيسلندا 1000 ميل فالخسارة التي منيت بها شركات الطيران، والمشاكل التي عانى منها الركاب كانت نتيجة قرار فاشل.
- ما هي الإرشادات التي يجب أن يتبعها المسافر على متن الطائرة؟
لا بد من الإكثار من شرب الماء كل نصف ساعة، فالسوائل تخرج من الجسد دون الشعور بها، وشركات الطيران تنبهت لهذا الأمر فأصبحت تمد الركاب بالماء، ولا بد من المشي قليلاً، حتى لا نصاب باحتباس الدم وبالتالي يؤدي لحدوث الجلطات، وعدم الإكثار من تناول الكحول، لأن شرب كأس الكحول على الطائرة يعادل الضعف، وعند إعطاء الأمر بارتداء كمامات الأوكسجين لا بد أن تضعها أنت أولا قبل أن تضعها لأبنك أو لأي كان لأنك تمتلك فقط 18 ثانية قبل أن تصاب بحالة إغماء وعندما تنقذ نفسك أولاً تستطيع إنقاذ الآخرين. ولا بد من مضغ اللبان أو التثاؤب حتى لا نؤذي الأذن، فطبلة الأذن تتعرض لضغط من الجهتين، وعندما يزداد من جهة ويخف من جهة أخرى يحدث الألم.
- هل السيدات قادرات على قيادة الطائرة بنفس الكفاءة التي يقودها الرجال؟
تستطيع السيدات خدمة العالم العربي وتستطيع القيام بالأشياء التي كانت حكرا على الرجال، وما شاء الله لدينا طيارون نساء من السعودية والأردن وسوريا ومصر، ما دام أنها تمتلك المستوى المطلوب من الكفاءة فباستطاعتها قيادة الطائرة، وهن يمتلكن جميع المميزات حتى يقدن الطائرات بأمان كامل ويعتمد عليهن.
آخر حوادث الطيران لعام 2014
الطائرة الماليزية المفقودة
بعد اكتشاف “دليل جديد ذي مصداقية” أن الطائرة الماليزية “كانت تحلق بسرعة أكبر مما كان يعتقد الأمر الذي يقلص مساحة البحث عن الطائرة” و كانت آخر عمليات الرصد للقطع المحتملة الناجمة عن تحطم الطائرة الفقودة منذ 8 مارس قد أشارت العثور على 10 أجسام عائمة في المحيط على بعد 2500 كيلو متر إلى جنوب من بيرث , و رصدها قمر صناعي ياباني . قالت شركة “إنمارست” الدولية للإتصالات التي توفر خدمات القمر الصناعي , إنها ستقدم خدمات تتبع أساسية مجانية للطائرات التي تحلق فوق المحيط لمنع وقوع حادث آخر مثل حادث آخر مثل حادث طائرة الرحلة 370 الجوية الماليزية
الكابتن رجا أبو زينة
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen