Montag, 29. Dezember 2014

يا فقراء إن لم يكن هناك خبز فكلوا كعكاً

جوع ينتشر في أرجاء المعمورة، وأناس كثيرون ينامون جائعين، إلى أي زمن وصلنا؟! هناك أطفال في العالم لم يعودوا يحلمون باللعبة ولا بالأرجوحة، ولا تنظيم مباراة لكرة القدم  ليستمتعوا بوقتهم، لقد توقف حلمهم عند شربة ماء أو حليب أو كسرة خبز تسكت أنات المعدة الخاوية، إنهم يحلمون بظل شجرة يتفيأون به ليقيهم حرارة الشمس الحارقة. أجسادهم الهزيلة والضعيفة أبرزت عظام صدورهم وللوهلة الأولى تعتقد أن الطفل الذي تراه أمام عينيك يبلغ من العمر سنة واحدة لتكتشف فيما بعد ان عمره أربع سنوات وربما سبع… لما يعانيه من سوء في التغذية.


أمهاتهم يقطعن أشواطاً من أجل الوصول إلى مراكز المنظمات الإنسانية التي توزع الطعام والمساعدة ويحرمن أنفسهن من الطعام ليشبعن أطفالهن.


وكما يقول المثل فوق الموتة عسة القبر.. فالفقر والجوع ليسا فقط عدويهما، وإنما العسكر الذين يتقاتلون ويتربصون بالبعثات الإنسانية والحملات التطوعية التي تحاول إيصال الغذاء والماء والعلاج.


الطمع أعمى البصيرة والجشع التهم المشاعر الانسانية وهضمها وتبرزها حتى لا تلح على ضمائر من يمتلكون القرار ومن يمسكون بخيوط اللعبة.


تفكيرهم ينحسر ضمن مقولة واحدة وهي يجب على هؤلاء أن يموتوا حتى نعيش، يجب أن يجلدوا بالحرمان حتى تمتلئ جعباتنا بالمال. 


في إحدى نشرات الأخبار سمعت سيدة وهي من هايتي التي تعرضت لزلزال أكل الأخضر واليابس السنة الماضية تقول “أمام هذا الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار الطعام لم يعد بإمكان أسرتي أن تتناول الطعام مرتين في اليوم، وصار علينا الاكتفاء بوجبة واحدة”. أناس يبيتون يحلمون بوجبات الطعام يشتكون مما هم فيه، لكن لا أذن صاغية ولا عين ترى. بينما في بلدان أخرى من العالم ترى الولائم والموائد عامرة بما لذا وطاب، وعندما ينتهون يرمون أكوام الطعام في حاويات القمامة.


وها هي روح ماري انطوانيت تعود للحياة من جديد، لتسكن داخل أجساد قادة العالم، فهاهم يطلقون تصريحاتهم الشهيرة بأساليب وأنماط تتناسب مع أزمات العصر الحالي ويتلاعبون بالكلام ليخفوا وراءه مقولة ماري  “إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء.. دعهم يأكلون كعكاً”.


صحيح أن الثورة الفرنسية مضى عليها وقت طويل إلا إرهاصات قيامها عادت من جديد فهي قامت لتحقيق العدالة الاجتماعية والإطاحة بالمتحكمين برقاب العباد، وما هذه المظاهرات التي نراها تعم العالم إلا نتيجة الممارسات الخاطئة من قبل قادة العالم التي لم تعد تطاق أو تحتمل. وجاءت احتجاجات وول ستريت في الولايات المتحدة الأمريكية تأكيدا على الإحباط الذي يعاني منه الشعب الأمريكي من طريقة عمل النظام المالي والتوزيع الغير عادل للثروة بين أبناء الشعب، وما زالت الاحتجاجات تتعاظم بعد انضمام نقابات بارزة إضافة إلى انضمام طلاب من جامعة نيويورك وهاهم يعلنون أنهم سيبقون في الشارع إلى أن تتحقق مطالبهم معلنين بأنهم كذلك لديهم الربيع الأمريكي.


ساحات أوروبا لم تكن أحسن حالاً فهاهي لندن تحتج وكذلك روما أما اليونان الغارقة في ديونها، فساحتها ملئت بالقمامة ووسائل المواصلات توقفت عن العمل بسبب اضرابات العمال، والغضب يتفاقم على الوضع الاقتصادي المتردي الذي انعكس على الواقع الاجتماعي، فقد ارتفعت نسبة حالات الانتحار في اليونان ، وبحسب الإحصائيات إلى نحو 40% خلال العالم الحالي، حيث بات الكثير من اليونانيين يفكرون في الانتحار بعد توقف مردودهم المادي نتيجة التسريح، وخصوصا بعد فقدان الأمل من تلقي المساعدات المالية من الأهل والاقارب والاصدقاء، فالكثير منهم قبل اتخاذهم قرار الانتحار كانوا يقولون لم يعد بمقدوري دفع ايجار شقتي والجوع يضرب البلاد والكل يعاني مما أعاني، فلن أجد الدعم والمساندة من أحد، أليس من الأفضل أن أموت؟!


ولعل العبارة التي تفوه بها رجل الأعمال اليوناني الذي أحرق نفسه أمام مقر البنك الذي يتعامل معه احتجاجا على استعادة القرض الذي قدمه البنك لشركته مما أدى إلى إفلاسها حيث قال “إن الحروق الجسدية التي أعاني منها هي أخف وطأة من الحروق النفسية التي نعاني منها”، تختصر كل الكلام الذي يمكن أن يقال، فهذه الحروق النفسية طالت الكثيرين وآثارها لازالت تزداد، وساحات العالم الغاضبة التي تغص بالمحتجين خير دليل على ذلك، وإن لم يتوقف الطمع والجشع من قبل مافيات المال ستكون النتائج كارثية.



يا فقراء إن لم يكن هناك خبز فكلوا كعكاً

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen