Sonntag, 28. Dezember 2014

تنظيم الدولة الإسلامية وتهديداته للنفوذ الإيراني فى المنطقة

كتب / محمود خليفة جودة - باحث وكاتب سياسي مصري


منطقة الشرق الأوسط من أكثر البؤر الجغرافية اضطرابا فى العالم ، حيث تخضع موازين القوى لجملة مقومات مركبة منها عوامل ديموغرافية وتفاعلات سياسية وتوازنات عسكرية, وتلعب البيئة الإقليمية والنظام الدولى دورأ كبيرا فى تحديد طبيعة توازنات القوى فى هذه المنطقة.

داعش وتهدياتها لحلفاء إيران :

الأحداث الجارية فى المنطقة لها بالغ الأثر علي طبيعة وحدود الدور والنفوذ الإيراني، فالاحتلال الأمريكى للعراق العام 2003 نتج عنه تحولات ومتغيرات إقليمية إلقت بظلالها فى صالح إيران، فإزاحة نظام صدام حسين من السلطة، قاد إلي تحول كبير في تكوين العرقية الطائفية للحكومة، حيث أضحت الطائفة الشيعية – الموالية لإيران- هي المهيمنة على الحكم فى العراق، وتم إقصاء السنة خاصة فى ظل اتباع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لسياسات فرق تسد, كما حدث تحول فى مسار العلاقات العراقية من علاقات وثيقة مع موسكو إلى التعاون الوثيق مع طهران، بينما علاقتها مع واشنطن لا تزال غير مستقرة.

ولكن سرعان ما تهدد النفوذ الإيراني فى العراق بعدما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام ” داعش ” علي مساحة تقدر ب 20 % من الدولة العراقية وبات قريباً من العاصمة العراقية بغداد، فتنظيم ” داعش ” يهدد الطائفة الشيعية الموالية لإيران ويهدد سيطرتها على نظام الحكم، مما جعل طهران تنتفض وتسارع إلي دعم الحكومة العراقية فى مواجهة تنظيم ” داعش ” داخل العراق

كما بات نظام بشار الأسد الحليف الاستراتيجي لإيران في طريقه إلي الزوال فما عرف ب ” ثورات الربيع العربي ” قد أتي بما لا تشتهي السفن الإيرانية، فإيران باتت مهدده بفقدان حليفها الإستراتيجى الأول فى المنطقة ” نظام بشار الأسد “، فالوضع السوري الداخلى المعقد بتركيبته السياسية والطائفية إضافة إلى التحالفات الدولية للنظام السياسى فى دمشق، جعل من الصراع فى سوريا صراعاً دولياً وإقليمياً على المصالح وتوازنات القوى بين القوى الدولية والقوى الإقليمية. فسقوط نظام الأسد يخل بموازين وتوازنات القوى لصالح إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية, حيث يعد سقوطاً لأحد أضلاع ” الممانعة العربية” ويمهد الطريق لإسرائيل لفرض هيمنتها وسيطرتها على الجولان بل مع ضعف الدولة السورية وهشاشتها ستبدو الفرصة مواتيه لإسرائيل للتوغل فى الأراضى السورية والتدخل فيها تحت زرائع عدة، وتكريس الاستراتيجية الغربية لتقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة.

دعم إيران لنظام الأسد :

تعمد إيران إلي دعم نظام بشار الأسد – فالصراع فى سوريا يعد “حرب بالوكالة” – فقدمت له مختلف أشكال المساعدة: بدءاً من الأسلحة والمال إلى الدفع بعناصر من الحرس الثورى للقتال إلي جانب القوات النظامية، وتزويد سوريا بالخبرة التقنية لتضييق الخناق على الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية, وحرصت إيران علي الحفاظ على مسار عبور للأسلحة إلى حزب الله ومنع سوريا من أن تصبح منصة للقيام بأنشطة ضد حزب الله في لبنان. لذلك سعت إيران إلى تكرار في سوريا التعاون التكتيكي الذى تم فى العراق بين حزب الله وفيلق القدس الايراني ومع ذلك، وضعت القيادة الإيرانية التمييز بين بقاء النظام السوري وبشار الأسد، وقدمت طهران نفسها كوسيط محتمل في “لعبة طويلة” لتسوية تفاوضية للصراع في نهاية المطاف.

ويرجح البعض أن إيران ساعدت فى ظهور داعش بسوريا من أجل القضاء على الثورة والثوار وبقاء الأسد في السلطة لحين التوصل إلى صيغة من نظام للحكم يحقق المصالح الاستراتيجية في المنطقة. وهو ما يعبر عن إزدواجية وتناقض فى الموقف الإيرانى تجاه ما يجري في العراق وسوريا, ففي الوقت الذى دعمت فيه الحكومة العراقية وقوات البيشمركة فى حربها على داعش، وبدوا في خندق واحد مع الأميركيين الذين شحذوا أسلحتهم لضرب داعش, فداعش تهدد حلفاء إيران فى العراق, وتعمل على إرساء وضع جديد يكون فيه للطائفة السنية اليد العليا فى مواجهة الطائفة الشيعية. تنظر إيران إلى ما يجرى فى العراق إلى أنه حرب بالوكالة.

وفى المقابل رفضت إيران علي لسان العديد من قادتها توجيه الضربات لداعش بدون تنسيق وتحت مظلة الأمم المتحدة مؤكدة على ضرورة التنسيق مع نظام الأسد فى هذا الخصوص, وعدم ذلك يعد خرقاً للقانون الدولى.

استبعاد إيران من التحالف الدولي:

تعمدت الولايات المتحدة الامريكية ودول التحالف على استبعاد إيران من القيام بأى دور فى التحالف الدولى لمواجهة داعش وعدم التنسيق معها. خاصة في ظل الرغبة الإيرانية فى الابقاء على نظام بشار الأسد الذي يشكل حليفا حيويا واستراتيجيا لنفوذها فى المنطقة, فسقوط النظام السوري، سيؤدي إلى تغيير جذري في الخريطة السياسية في الإقليم، فيرفع وصايات ويسقط تحالفات، ولأن كل هذا واضح في الحسابات الإيرانية، تحاول طهران عرقلة التحالف داعية أميركا إلى التعاون مع الحكومتين العراقية والسورية لضرب داعش.

وتمثل ضربات التحالف الدولي مصدر قلق وتهديد لحليف إيران ” نظام بشار الأسد ” ، فعلي الرغم من أن القضاء على “ داعش” يعد قضاء على أقوى الجماعات المسلحة عنفاً وهمجية فى سوريا, مما قد يقوى من وضعية الجيش النظامى السوري, إلا أن هناك تخوف إيراني سوري من أن يتم تكرار السيناريو الليبى فى سوريا, وأن يتحول تدخل الولايات المتحدة فى سوريا لضربها “ داعش” إلى ضرب لقوات الجيش النظامى, وتمكين للقوى المعارضة. خاصة في ظل استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية الخفية, التي لا تريد القضاء على داعش نهائياً, حيث يخدم ذلك نظام بشار الأسد حليف إيران وروسيا الاستراتيجى فى المنطقة, وهو ما يتعارض مع الأهداف والمصالح الأمريكية, ومن جانب أخر ثمة تخوفات أمريكية من القضاء على نظام بشار الأسد, وما قد ينتج عن ذلك من سيطرة للإسلاميين ووجود نظام جديد فى سوريا لا تستطيع التعاطى معه, فهى تريد ابقاء الوضع كما هو عليه يأكل كل طرف الأخر ويضعفه, وهو ما يجعل الوضع مستقبلا فى سوريا مهيئاً للتفتت لدويلات صغيرة متنازعة فيما بينها.

داعش ومستقبل النفوذ الإيراني:

ثمة اتجاهين رئيسيين أحدهما يذهب إلي أن التحالف الدولي والدول العربية سوف تعمد إلي تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث لا يمكن القضاء على “داعش” لا في المدى المنظور ولا على المدى البعيد ما لم يتم تحجيم التدخل الإيراني في شؤون العراق الداخلية وما لم يتم توفير الدعم الفعلي والحقيقي الذي تحتاجه المعارضة السورية المعتدلة للقضاء على نظام “الأسد”. حيث أن إيران هي القوة الوحيدة الموجودة على الأرض، سياسيًا, وعسكريًا من وراء الجيش العراقي، وفي سوريا، حيث تقود قوات “ الأسد “. وأن النظام السوري والإيراني يأملان الآن في أن تساعدهما “ الحرب على داعش” في الحفاظ على الأمر الواقع الذي فرضاه، بل في تحسين أوضاعهما وتطوير سيطرتهما على كامل المناطق السورية، وصولاً إلى هدفهما الأساسي وهو القضاء على أي حراك شعبي سوري، إضافة إلى إدامة الوضع في لبنان حيث صارت الدولة وجيشهما رهينةً في قبضة إيران و”حزب الله”. والترويج أن نظام “الأسد”، لا يواجه الشعب السوري الذي يسعى للتغيير والتحرر وإنما إرهاب منظم تقف خلفه دول قريبة وبعيدة.

فيما يذهب الإتجاة الأخر إلي فكرة تقديم التنازلات فى منطقة للحصول على مكاسب فى منطقة أخرى, بحيث تتخلى إيران عن التدخل فى سوريا, مقابل حصولها على مكاسب فى اليمن, خاصة فى ظل سيطرة الحوثيين الموالين لإيران على العاصمة اليمنية صنعاء, فإيران لديها نفوذ قوى وممتد فى العراق وسوريا ولبنان واليمن, ووجود تنسيق معها من قبل الدول العربية وتقديم تنازلات من الطرفين والتعاون قد يفضى إلى مواجهة حقيقة لداعش.



تنظيم الدولة الإسلامية وتهديداته للنفوذ الإيراني فى المنطقة

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen