Montag, 29. Dezember 2014

التداعيات السياسية للحكم على مبارك


قضت محكمة جنايات شمال القاهرة يوم 29 نوفمبر 2014 حضوريا للرئيس الاسبق محمد حسني مبارك بالنسبة للتهمة الموجهة إليه بقتل متظاهرى 25 يناير بعدم جواز نظر الدعوى ،وببراءته فى قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل، أما بخصوص قضية فيلات شرم الشيخ فقد قضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية ضد مبارك ونجليه الذين اتهموا بتلقي هدايا من حسين سالم. وتبحث المقالة فى المنظور السياسى للحكم من حيث مواقف المواطنين منه والتداعيات السياسية له فالمواطن المصرى لا ينشغل بالاً بالإجراءات القانونية وإنما منظوره للقضية أنها أول محاكمة فى تاريخ مصر لرئيس ثار ضده الشعب وعزله وتوقع أن يكون الحكم رمز لنجاح الثورة وتلبية لرغبة المواطنين من القصاص ممن هو فى نظرهم المسئول الأول عن الفساد فى العهد البائد.


خلفيات المحاكمة :
منذ تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد بعد تنحى مبارك، تواصلت الدعوات الشعبية لمحاكمة مبارك عن الجرائم التي ارتكبت خلال الثورة وخصوصاً قتل المتظاهرين، واستمر هذا الضغط الشعبي إلي أن أُعلن فى 11 أبريل 2011 عن بدء النيابة العامة التحقيق مع الرئيس الأسبق ونجليه بتهم تتعلق بالإضرار بالمال العام وقتل المتظاهرين. وفى 2 يونيو 2011 تم الإعلان عن بدء أولى جلسات المحاكمة وتم تحويل العديد من المسؤولين السابقين للمحاكمة بتهم استغلال نفوذ سياسي والتربح ونهب وسرقات وكذلك قضايا قتل المتظاهرين في أحداث ثورة 25 يناير وحكم على مبارك ووزير داخليته بالسجن المؤبد فى 2 يونيو2012 عن تهمة قتل المتظاهرين السلميين بميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير .
وجدير بالذكر أن هيئة المحكمة التى قضت بالبراءة فى حكم 29 نوفمبر 2014 تشكلت فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى خلال فترة حكمه حيث أعيدت محاكمة جميع المتهمين في هذه القضية بعدما صدر حكم بالسجن المؤبد بحق مبارك والعادلي.والآن لايزال مبارك محبوساً على ذمة قضية القصور الرئاسية البالغ مدتها 3 سنوات و التى حكم عليه فيها يوم 21 مايو 2014، ومن المقرر أن تنتهى فى شهر فبراير 2015 ؛ حيث أن مدة الحبس الاحتياطى تخصم من مدة العقوبة .


رأى الشارع المصرى فى الحكم :
تبين المؤشرات الأولية بعد صدور الحكم إلى وجود ثلاثة اتجاهات أولهما وصف الحكم بأنه عادل بناء على اعتقادهم بأن ثورة يناير 2011 كانت مجرد مؤامرة لذا سادت حالة من الفرح بين أبناء ومؤيدي الرئيس مبارك عقب سماع النطق بالحكم ببرائته.ويرى هذا التيار أن مبارك تخلى عن السلطة من أجل حقن الدماء والاستجابه لطلب الجيش بالتنحى من أجل الحفاظ على مصر وتجاوب مع مطالب المتظاهرين وتخلى عن منصبه حقناً للدماء وفضل مصلحة الوطن عن المصلحة الشخصيه ، ويكفى أنه لم يهرب خارج مصر كما أنه حذر من الفوضى ومن وصول جماعة الإخوان للسلطة ومن قمع الحريات وانهيار الاقتصاد وتردى الحالة الأمنية وقد صدقت تحذيراته .وثانيهما مثل الحكم صدمة لهم واعتبروه ظالماً لأهالى الشهداء وليس عنوان للحقيقة واتجه هؤلاء للتشكيك فى نزاهة القضاء ووصمه بصفات مشينة وسبه على صفحات الفيس بوك وغيره من وسائل الإعلام ، وكان موقف عدد من الحركات الثورية مثل كفاية الاستمرار حتي محاكمة ثورية عادلة لمبارك ونظامه. وثالثهما يرى أن الحكم له أسباب وحيثيات وعلى الجميع احترام أحكام القضاء،لاسيما بعدما تردد فى وسائل الإعلام عن إتلاف الأدلة ، ومن ثم لا يجب التعقيب على الحكم لأن المحكمة قامت بجهد ،وأصدرت أحكامها وفقًا للأدلة المقدمة إليها والعقيدة التي كونتها عن تلك القضية، بعد استماعها لمرافعات المحامين ودفاع المتهمين عن أنفسهم، وكذلك الاستماع لأقوال النيابة وشهادات الشهود والقضاء يستحق الاحترام الكامل ولا يجب إعطاء فرصة لمشعلى الفتن .


أبرز التداعيات السياسية المحتملة :
بعد النطق بالحكم ظهر الغضب على جزء من وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعى ونزل عدد من المواطنين تلقائياً ومنهم نشطاء بحزبى الكرامة والتحالف الشعبى الاشتراكى لميدان التحرير للتنديد بالحكم فقد تجمع عشرات من المتظاهرين أمام المتحف المصري بميدان عبد المنعم رياض، للتنديد بالحكم الصادر ببراءة الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه، وحبيب العادلي وستة من كبار معاونيه.كما دعت عدة قوى سياسية للتجمع لتنظيم تظاهرة كبرى اعتراضًا على الحكم ببراءة مبارك والعادلي ومساعديه برجاء سرعة الحشد والنزول ومنها حزب الدستور، وحزب العيش والحرية والتيار المصرى، ومصر القوية ، وحركة شباب من أجل العدالة والحرية ، وحركة شباب 6 إبريل وحركة شباب 6 ابريل الديمقراطية ،وحركة مقاومة الطلابية وقد يكون من نتائج ذلك:
- التأثير علي شعبية الرئيس:
من يتحمل حكم القضاء السلطة القضائية ولكن يخلط غالبية المواطنين بين القضاء وبين الحكومة ويلقون بكل النتائج على عاتق الرئيس السيسى.
- استغلال جماعة الإخوان الحكم لتأليب المواطنين ضد النظام السياسى:
استغلت جماعة الإخوان ” الارهابية ” الحكم للدعوة للاصطفاف ومواجهة النظام، بما يخدم مساعي الجماعة الحثيثة للنيل من استقرار الوطن وسلامة أراضيه، خاصة في ظل عدم وجود ظهير شعبي لها في مصر الآن بعدما تكشفت حقيقتهم أمام الرأي العام.
- ضعف احتمال استعادة الأموال المرية المهربة فى الخارج بسبب تبرئة المتهمين.
- تشكيك البعض فى ثقة فى القضاء :
إلى حد توقع بعض المواطنين صدور أحكام بالبراءة لنظام الإخوان أيضاً وتساءل البعض أين حق ملايين الشعب الذين ثاروا وملايين الشعب الذين احتفلوا بالتنحى وملايين الشعب الذين شاركوا فى الاستفتاءات والانتخابات التى جرت بعد إقصاء مبارك.
- مقاطعة الانتخابات البرلمانية
قد يؤدى الحكم لعزوف بعض المواطنين خاصة الشباب الذى شارك فى ثورة 25 يناير عن المشاركة السياسية لأسباب مختلفة منها عودة الفلول للحياة السياسية كنتيجة لهذا الحكم.


ماذا بعد؟
ينتهى قطاع كبير من المصريين إلى أن حبس مبارك كان قرار سياسي لارضاء الشارع الغاضب ولم يكن قانونى لأن النصوص القانونية لا تجرم الفساد السياسى ، وكان يجب محاكمته سياسياً باﻻضافة لمحاكمته جنائيا وهذا الحكم جاء نتيجة الخلط بين السياسي والقانوني ،ويراهن البعض على قيام النيابة العامة بالطعن فى الحكم أمام محكمة النقض إذا تبين وجود عيب فى الحكم،وربما يؤدى إصدار المستشار هشام بركات النائب العام قرارًا بتكليف المكتب الفنى للنائب العام بإعداد دراسة قانونية متكاملة لحيثيات الأحكام التى أصدرتها المحكمة تمهيدًا للطعن عليها أمام محكمة النقض إلى أن تتصدى محكمة النقض للفصل النهائى فى هذه القضايا، وهذا معناه أن الأمر لم ينته بعد ليبقى السؤال


كتب / د. حنان أبوسكين - مدرس علوم سياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية



التداعيات السياسية للحكم على مبارك

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen