Samstag, 27. September 2014

أفريقيا .. قارة المستقبل - بـقـلـم: أحـمـد عـسـكـر/باحث فى الشئون الافريقية

تظل قارة أفريقيا محط أنظار كثير من الدول الكبرى والصاعدة في العالم منذ القدم، بل ستظل تلك القارة البكر الغنية بالثروات والمعادن والموارد الطبيعية دائما محل اهتمام تلك القوى الكبرى التي تتطلع للاستحواذ والهيمنة على مواردها، وهو ما عانت منه أفريقيا على مدى قرون من الزمان من الاستعمار الأوروبي لأراضيها، والذي كان بمثابة اللص الذي استولى أولا بأول على خيرات القارة ومواردها تاركا لها الفقر والجهل والتخلف يضرب في أعماق القارة مما كان له أثرا سلبيا على دول أفريقيا على مر العصور في كل المناحي السياسية والاقتصادية والإجتماعية.
وعلى الرغم من نيل معظم دول القارة استقلالها في الستينيات من القرن الماضي وتطلعها للاستقرار والإصلاح والتقدم الاقتصادي وإصلاح ما أفسده الاستعمار بعد نهب كل ثروات القارة، إلا أنه لم ينتهِ تكالب الدول الغربية عليها فاستخدمت تلك القوى أساليب جديدة للاستعمار الغربي الجديد لا يستخدم القوة المسلحة، كالاستعمار الاقتصادي عن طريق الشركات العابرة للحدود وغيره من الأساليب التي استطاعت أن تتغلغل للقارة مرة أخرى…
أما الآن، فتشهد أفريقيا تحركا كبيرا من قبل عديد من الدول الصاعدة إلى جانب القوى الدولية التقليدية صراعا على النفوذ والهيمنة في المناطق الغنية بالثروات المعدنية والاستراتيجية خاصة النفط في ظل إنتاج قارة أفريقيا حوالي 11% من إنتاج النفط في العالم (80 – 100 مليار برميل نفط) فضلا عن 10% من الاحتياطي العالمي للنفط ناهيك عن 18.4% تقريبا من الإنتاج العالمي لليورانيوم وكثير من المعادن النفيسة كالماس والذهب والبلاتينيوم. لذا لا شك أن كل ما يدور حولنا في القارة السمراء يجعل من الضرورة بمكان التوقف والتدبر بشأن وضع مصر في قارة أفريقيا وأين مصر من أفريقيا المستقبل؟!
هناك مصالح حيوية للدولة المصرية في القارة السمراء بداية من نهر النيل الذي يعد من أهم المصالح التي تصل حد المصيرية بالنسبة للدولة المصرية لاعتمادها شبه الكلي على مياهه في جميع الاستخدامات، مرورا بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر ودول القارة، وحماية مصالح مصر الحيوية في بعض مناطق القارة كمنطقة حوض النيل ومنطقة البحر الأحمر والتي تقع تحت تعريف الأمن القومي المصري. لكن على الرغم من أهمية أفريقيا بالنسبة لمصر إلا أن العقدين الأخيرين قد شهدا تراجعا للدور المصري على الساحة الأفريقية، حتى عقب إندلاع ونجاح ثورة يناير 2011 ظل الوضع كما هو عليه بل ازدادت الأمور سوءا بعد إعلان دولة إثيوبيا إنشاء سد الألفية المعروف إعلاميا بسد النهضة وهو ما يضر بالمصالح المائية المصرية.
لكن ثمة أمل قد ظهر في الأفق بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013 وصعود الرئيس السيسي لرئاسة مصر، والذي أعلن في أكثر من خطاب، عن اهتمامه بقارة أفريقيا وضرورة توطيد وتطوير العلاقات المصرية الأفريقية، وعودة مصر لدورها المعهود والتاريخي في القارة خاصة بعد عودة مصر لعضويتها في منظمة الاتحاد الأفريقي مؤخرا بعد تصويت جماعي بعودتها لأحضان الاتحاد الأفريقي، مما يجعل من الضروري أن تتغير استراتيجية الدبلوماسية المصرية تجاه قارة أفريقيا في الفترة القادمة وأن يعي صانع السياسة الخارجية المصرية مدى أهمية أن يكون هناك تواجد مصري في القارة الأفريقية وإدراك أهمية الدائرة الأفريقية بالنسبة لمصر.
تمتلك قارة أفريقيا مستقبلا باهرا على جميع الأصعدة مما جعل العديد من الدول الإقليمية والدولية تهرول نحوها وتحاول التغلغل داخل القارة، لذا لزم علينا أن يكون لنا دورا في رسم هذا المستقبل إذا أردنا أن تعود مصر لدورها المعهود دولة لها ثقلها وميزانها الإقليمي والدولي وكذلك حماية مصالحها في القارة البكر.



أفريقيا .. قارة المستقبل - بـقـلـم: أحـمـد عـسـكـر/باحث فى الشئون الافريقية

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen