تسعى مصر لتفعيل التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في كافة المجالات، ويحظي التعاون الإقتصادي أهمية بالغة على أجندة الإدارة المصرية في العلاقات المصرية الخليجية، ومن ناحية أخرى تسعى دول مجلس التعاون إلى تعزيز كافة أوجه وآفاق التعاون مع مصر، وقد ظهر ذلك جليا- وإن تباين بإختلاف القيادة السياسية- بعد ثورات الربيع العربي بصفة عامة، وثورة 25 يناير بصفة خاصة.كما تحرص الدول الخليجية وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية للوقوف بجانب مصر للخروج من عثرتها الإقتصادية وخاصة بعد التراجع الملحوظ فى نمو الإقتصاد المصري منذ ثورة 25 يناير.
• الدعم الخليجي بعد 25 يناير:
منذ ثورة 25 يناير وإزاحة رأس السلطة في نظام مبارك فقد وعدت العديد من الدول بتقديم حزم مساعدات اقتصادية لمصر في صورة منح وودائع وتلاحظ وجود اهتمام خليجي بتوفير المساعدات لمصر في صورة منح واستثمارات، وتعتبر قطر الحالة الأكثر بروزًا في هذا المجال، وتأتي في مرتبة تالية لها السعودية.
المملكة العربية السعودية؛ فقبيل الإنتخابات الرئاسة وعدت المملكة السعودية بتقديم حزمة من المساعدات بقيمة 3.750 مليارات دولار، في صورة وديعة في البنك المركزي المصري، ومنح لمشاريع تنموية، ودعم مباشر للموازنة المصرية، كما قدمت السعودية بعد ثورة يناير مساعدات عينية تمثلت في تأمين ألف طن متري من غاز البترول المسال، وأعلنت في مايو 2012 عن توفير مساعدات بقيمة 500 مليون دولار. وأثناء زيارة الرئيس مرسي للسعودية في يوليو 2012 كانت هناك وعود بضخ مزيد من الاستثمارات السعودية في مصر، وإجمالا فقد وعدت بما يقرب من 4.250 مليار دولار إلى جانب المساعدات العينية الأخري.
قطر؛ تعتبر قطر حالة متميزة، سواء من حيث الزيارات التي استقبلتها مصر طوال الفترة قبل أحدث 30 يونيو، أو من حيث حجم الأموال التي أعلن توفيرها لمصر؛ حيث استقبل الرئيس مرسي أمير قطر في 11 أغسطس 2012، كأول أمير خليجي يزور القاهرة بعد انتخابات الرئاسة، وأعلن خلال الزيارة عن إيداع 2 مليار دولار في البنك المركزي تقدم على ثلاث دفعات، على أن تكون آخر دفعة في نوفمبر 2012. وهو ما من شأنه أن يدعم قيمة الجنيه في مواجهة الدولار، وخاصة بعد انخفاض الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي.
كما زار رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم القاهرة في 6 سبتمبر 2012، وأعلن عن استثمار 18 مليار دولار على مدى خمس سنوات، يوجه منها 8 مليارات دولار لمنطقة شرق التفريعة ببورسعيد، ويوجه جزء آخر لإنشاء مصنع للحديد والصلب، وتوجيه جزء ثالث للاستثمار في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية، ولإنشاء مشروع سياحي ضخم في الساحل الشمالي، لذا فإن اجمالى ما وعدت به قطر من وديعة واستثمارت بلغ 10 مليار دولار.
الكويت؛ لم يتم الإعلان عن مساعدات محددة للاقتصاد المصري، أو عن رغبة في زيادة حجم الاستثمارات، والتي لا تتعدى وفق بعض التقديرات 2.7 مليار دولار، وما صدر من جانب السفير الكويتي في مصر لا يتعدى الوعد بزيادة الاستثمارات الكويتية في مصر، دون أن يعلن تفاصيل محددة.
الإمارات العربية المتحدة؛ فقد وعدت بتقديم 3 مليارات دولار في صورة قروض وودائع ومنح، ولم تتخذ خطوات فعلية لتوفير هذه المساعدات لمصر.
• المساندة الخليجية بعد 30 يونيو:
المملكة العربية السعودية؛ فقد تعهدت المملكة السعودية بـ 5 مليارات دولار لمساعدة مصر، وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، الشيخ محمد العبد الله الصباح، قوله إن مجلس الوزراء اعتمد قراراً بهذه المساعدات، “تقديراً للأوضاع الدقيقة التي يتعرض لها الشعب المصري الشقيق”.
قطر؛ استمرت في دعم نظام “محمد مرسي” بعد عزله واتضح ذلك جليا من خلال قناة الجزيرة المتبعة سياسة هجومية ضد النظام الحاكم الأن واصفة إياه بـ “انقلاب عسكري” ولم تصرح قطر بحزمة مساعدات جديدة لمصر.
الكويت؛ فقد رفعت الكويت حجم المساعدات العاجلة لدعم مصر ، في أعقاب “عزل” الرئيس السابق، “محمد مرسي”، مطلع يوليو الماضي، إلى 4 مليار دولار ، من بينها منحة لا ترد بقيمة مليار دولار، إضافة إلى ملياري دولار وديعة في البنك المركزي المصري، ومشتقات بترولية بقيمة مليار دولار، وأعرب السفير المصري لدى الكويت، عبد الكريم سليمان، تقدير مصر، رئيساً وشعباً، وقوف دولة الكويت، أميراً وحكومةً وشعباً، إلى جانب حكومة مصر وشعبها، خاصةً أنها تمر بلحظات حرجة هذه الأيام.
الإمارات العربية المتحدة؛ دعمت اقتصاد مصر بـ3 مليارات دولار، حيث أعلنت عن تقديم مساعدات عاجلة لمصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار، منها مليار منحة لا ترد، ووديعة بملياري دولار.
والجدير بالذكر أن تلك المساعدات التى تلقتها مصر قادت إلى تحالفات غير مباشرة بين مصر وقطر في فترت رئاسة “محمد مرسي”، وتحالف آخر بين مصر من جانب والإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية من جانب أخر في فترة ما بعد 30 يونيو وتولي “المشير السيسي” رئاسة البلاد.
• معوقات التعاون المشترك بين مصر ودول الخليج.
خلال حلقة نقاشية نظمها المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، يوم الأربعاء الموافق 2 أكتوبر 2013، بعنوان “ خطة “مارشال” خليجية: هل تؤسس لتكامل اقتصادي مصري-خليجي؟ ”. ناقشت الحلقة المؤشرات الاقتصادية الخاصة بحجم ونوعية التبادل التجاري بين مصر ودول الخليج، وأشار د.بهجت أبو النصر، الخبير الاقتصادي و رئيس قسم البحوث الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إلى عدد من المعوقات التي تعوق سهولة التبادل التجاري بين مصر والأسواق الخليجية، منها ما هو ثنائي مثل: عدم توافر خطوط شحن بحري منتظمة للأسواق الخليجية مما يجعل المصدر المصري يعتمد على وسائل نقل يتم استئجارها عند الحاجة، وبشكل غير منتظم مما يؤدى إلى ارتفاع تكلفة الشحن وبالتالي قيمة السلع المصدرة، بالإضافة إلى التشدد في تطبيق المواصفات والمقاييس على السلع.
وبشأن المعوقات العامة، فقد أشار أبو النصر إلى جملة من تلك المعوقات والتي أجملها في:
ـ شكوى بعض مصدري الدول العربية والمستوردين من طول الإجراءات الجمركية المتبعة في الجمارك المصرية .
ـ عدم تفعيل مبدأ الاستيراد التفضيلي بين مصر وبعض الدول العربية التي تم الاتفاق معها خلال اجتماعات اللجنة العليا لتضمين هذا المبدأ.
ـ عدم توافر خطوط شحن برى أو بحري منتظمة إلى بعض الدول العربية الأمر الذي يؤثر سلباً على حركة التبادل التجاري ويؤدى إلى ارتفاع تكلفة المنتج وصعوبة تسويقه داخل السوق المصري .
ـ صعوبة وطول إجراءات فحص بعض الرسائل من قبل الهيئة العامة للصادرات والواردات مما يعرض المستورد لدفع رسوم أرضيات مرتفعة.
ـ صعوبة تسجيل واعتماد بعض أصناف من الأدوية العربية في مصر، الأمر الذي يتضرر منه بعض مصدري الدول العربية ويعوق تنمية صادراتهم من الأدوية لمصر ويجعل الدول الخليجية تعامل الصادرات المصرية بالمثل.
• فوز “السيسي” ومرحلة جديدة من التعاون:
إن تهيئة مناخ سياسي جيد، يعد عامل هام لتفعيل اتفاقات وشركات اقتصادية متينة، فهناك عشرات الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية غير المفعلة بين الجانب المصري ودول مجلس التعاون، من أهمها منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والتي أصبح التبادل التجاري بين أعضائها محررًا بالكامل، والتي يمكن في حال تفعيلها والبناء عليها تحقيق التكامل الاقتصادي المنتظر بين الجانبين، فإذا ما علمنا أن شرط التكامل الإقتصادي يكمن في إزالة كافة الحواجز (الجمركية وغير الجمركية) أمام التبادلات التجارية وانتقال عوامل الإنتاج بين مصر ودول الخليج، صار تفعيل الإتفاقات التجارية، للوصول إلى الأمل المنشود في التكامل الإقتصادي، أمر هام يجب العمل على تحقيقه.
إن تذليل العقبات والمشكلات سالفة الذكر وحلها يعد ضمانه أساسية لتعاون بناء والارتقاء بحجم التجارة البينية بين مصر ودول الخليج، وعلى القيادة السياسية أن تعي العمل من أجل إزالة كافة الموعقات أمام التجارة البينية لانها كفيلة وناجعة لتحقيق التكامل الإقتصادي المصري الخليجي.
إعداد/ حسانى شحات محمد
باحث بالمركز الاعلامي لشركة Risk Free لإدارة المخاطر الأمنية.
التعاون الاقتصادي المصري - الخليجي في ظل الربيع العربي /إعداد:حساني شحات محمد
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen