Dienstag, 15. Juli 2014

البحث عن السعادة

بقلم د. حسين رشيد الطائي


بحثت طويلا أيتها السيدات أيها السادة عن نقطة المحور التي تجعل الانسان يتحد مع ذاته اتحادا حقيقيا يجعله يعرف معنى السعادة الحقيقية ويتخلص في نفس الوقت من المآسي والاحزان والكآبة التي يعيشها خلال حياته اليومية، بحثت عنها اول ما بحثت في وجوه الناس فحاولت بكل ما أوتيت من قوة ان امسك تلك النقطة فتعرفت على الكثير من الناس وحاولت ان اقاسمهم الافراح والاحزان لعلي اجد ذلك المحور الضائع من ذاكرتي ووجودي، لكني في الواقع اصطدمت بكثير من المتاعب والمشاكل التي لم اكن اعرفها من قبل فوجدت في كثير من الناس الذين صادفتهم متغيرات فظيعة وصفات غريبة ومتناقضات قل ان تراها إلا في عالمنا العربي الذي يحوي الكثير من الاشياء الغريبة والعجيبة، فوجدت في الكثير من الناس الذين صادفتهم الخيانة والكذب والدجل والمواربة وان صداقته معك قائمة على مصلحة معينة وانه بفقدانها تنعدم هذه الصداقة، بل ان هناك الكثير من الذين يسمون بالاصدقاء وهم ليسوا كذلك يكنون لك العداء في حقيقة مشاعرهم بل والحقد والحسد والغل في قلوبهم التي لا تعرف الحب، فان جالستهم نافقوك وان غبت عنهم اغتابوك وتحدثوا عنك بالباطل والبه   تان. اما اذا اردت ان تشاركهم اسرارك وان تفتح لهم قلبك فستتحول الى لبانة في كل فم وحديث الساعة في كل ركن من اركان الاماكن التي ترتادها وستشعر بالندم الشديد الذي جعلك تبوح بهذه الاسرار للتخلص من الكآبة والحزن اللذين تشعر بهما والهم الذي ينطوي عليه قلبك، بل ان قسما من هؤلاء حلو اللسان جميل المحيا يحاول ان يجعلك تثق به لغاية في نفسه كأن تكون مشاركة في عمل او مصلحة هو محتاج اليها ولا يستطيع ان يحققها إلا عن طريقك فيعمد الى هذه السبل المعوجة واذا بك تتفاجأ به في نهاية الامر ولكن بعد فوات الأوان. وهناك.. وهناك .. الكثير والكثير مما ستراه اذا ما اردت ان تجرب هذه الطريق التي تعتقد انها ربما تؤدي بك الى السعادة حتى تؤمن ايمانا مطلقا بانها ليست هي الطريق المناسبة لذلك، ولو اني لا أدعي ان كل الناس على هذه الشاكلة ولكن هناك الكثير من الناس على هذا النمط. لذا قررت ان ابحث عن هذه السعادة في مكان آخر غير الامكنة التي جربتها ففكرت ان ابني ذاتي امام الناس وان اكون مميزا عنهم كـأن اتحصل على عمل يغنيني عن الناس واكون غنيا ومعي الكثير من الاموال ويمكنني من خلال ذلك ان احقق السعادة لنفسي فعملت بجد واجتهاد بل اني نافقت وكذبت ودجلت كثيرا من اجل جمع هذا المال الذي ارجو ان يجعلني سعيدا، وفي الآخر اصبح عندي مال كثير اشتريت به الكثير من الاشياء التي اعتقدت انها ستجلب لي السعادة، بيت ضخم في ارقى الاحياء وخدم كثيرون واستطيع ان احصل على ما اريد، لكنني في الواقع اصطدمت بمفاهيم غيرت وجهة نظري منها ان كل الذين اعرفهم هم على نفس سجيتي وغايتي من النفاق والدجل والكذب وانهم يفتقدون الى الصدق المروءة ولا يمكن في يوم من الايام ان الجأ اليهم لطلب يد المساعدة او الاعتماد عليهم عندما تداهمني صروف الدهر بل حتى الخدم والحشم القائمين على خدمتي علاقتهم بي مرهونة بالمال وانه في حال لم ادفع لأحدهم سيتركني ويذهب مباشرة، ولذلك قررت ان هذه الطريق ايضا ليست نافعة في جلب السعادة وان كل الذي عانيته وقاسيته من اجل الحصول على هذا المال وهذا الجاه ذهب سدى وما زلت اعاني الكآبة والحزن اللذين يقبعان في داخلي، ولذلك فكرت ان اجد طريقا آخر ربما يؤدي بي الى السعادة ففكرت في السفر والذهاب الى اماكن لم اعتد الذهاب اليها لعلي اجد هذه النقطة او المحور الذي تدور عليه عجلة السعادة فسافرت الى الهند والسند واوروبا وامريكا وجلست هناك طويلا ولكني في الواقع رأيت ان هذا الحزن كان يسافر معي اينما اسافر ويحل معي اينما أحل وينام معي اينما انام وان هذه الطريق ايضا غير صالحة بالمرة للحصول على السعادة، فقررت ان ابحث بجد في الغابة والجدول والنهر والبحر والاشجار والغيم وفي كل ما يحيط بي مما خلق الله سبحانه وتعالى لعلي اجد هذه السعادة المزعومة فلم اجدها لا في الجدول ولا في الغابة ولا في النهر ولا الاشجار ولا في الغيم ولا في كل ما يحيط بي من الاشياء والاماكن، فقلت في نفسي واعجبا لأمر هذه السعادة التي لا استطيع ان احصل عليها من خلال الاخوان والاصدقاء ولا عن طرق المال ولا عن طريق كل الاشياء المحيطة بي مما حولي فقررت ان تفكيري في الحصول على السعادة كان منحصرا في الاشياء الخارجية المحيطة بي وقد آمنت ان كل الاشياء الخارجية المحيطة بي لا تجلب لي السعادة فقررت ان ابحث عن هذه السعادة في ذاتي التي فقدتها وفي نفسي التي تاقت لها فوجدت ان السعادة ان تغتني بنفسك عن الناس وان تكون مكتفيا بنفسك عن الآخرين وترضى بالقليل من المال الذي يكون كافيا لبناء حياة مناسبة ولا داعي ان تجلب لنفسك ولرأسك الألم من اجل الحصول على المال لانه لا يجلب لك السعادة ولا داعي ان تسافر في الارجاء للحصول عليها فوجدت السعادة اخيرا عندما بحثت عنها في ذاتي وفي نفسي ولمستها في دموعي لمس اليد عندما فهمت ان السعادة لا تأتي من الخارج بل تنطلق من الداخل وان التي فقدتها طيلة هذه الفترة كانت تعيش معي في ذاتي وفي نفسي وجدتها في القناعة التي تجعلني مسرورا في كل شؤون حياتي ارضى بالقليل من الطعام والشراب والسكن فالمهم اني سعيد ومقتنع بما لدي، ووجدتها في البساطة التي امتلكها والتي تجعلني لا اهتم لشيء من حطام هذه الدنيا الفانية فالمهم عندي عندما اريد ان انام اضع رأسي على الوسادة وانام مباشرة واحلم احلاما سعيدة هانئة. وجدت السعادة مرسومة على وجوه الاطفال الذين ليست لهم مطامح مادية في هذه الحياة ولا دجل ولا كذب ولا نفاق وجدت السعادة في عيون الامهات الساهرات على اولادهن لا احد قال لهن اسهرن على راحة اولادكن.. نعم ايتها السيدات ايها السادة هذه هي السعادة تعيش معنا تتنفس هواءنا وتسكن روحنا فنحن المغيبون عنها وهي الحاضرة فينا في كل الاوقات. فليبحث كل منا عن سعادته الابدية في ذاته وفي نفسه عله يجدها ويتخلص من الألم والحزن اللذين يعيشان معه.


 



البحث عن السعادة

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen