نهى الصراف
تلعب الألوان دورا”مهما” في الفضاء الداخلي للمنزل وتؤثر اختلاف درجاتها في سيكولوجية المتلقي، بحيث يمكنها أن تؤثر في سلوكه سلبا” أو ايجابا”.. كما أنها تؤثر في المزاج والصحة والنشاط إذ أن لها قدرة كبيرة في المساعدة على الشفاء من بعض الأمراض.. وأن من الألوان مايثير الحب والبغض ومشاعر أخرى غيرها متناقضة ومعقدة.
بعض لمسات التجديد في ديكور المنزل قد يلعب دورا حيويا في كسر حدة الملل في برنامج الحياة اليومية، ولكن هناك قواعد يجب اتباعها في هذا الإطار.. كي لا يأتي الأمر بنيجة عكسية ، أهمها الدراسة المسبقة والتخطيط. ولكي لا نمر في تجربة فاشلة مع الألوان عند تغير طلاء المنزل مثلا أو بعض قطع الأثاث والسجاد ، وجب علينا أولا التحقق من ماهية الألوان وتأثيراتها في سيكولوجية الأفراد وطبيعة استجابتهم للأشياء التي يرونها في محيطهم، حيث أدرك علماء النفس بأن الشيء الملون هو ليس شيئا ماديا يحمل بريقا جماليا معينا فحسب، بل أن تأثيراته على الصحة النفسية للأفراد تمتد الى أبعد من ذلك.
كما أن للألوان خاصية في التذوق الجمالي أو التفضيل اللوني عند الأفراد, ولو لا وجود أطياف لا عد لها من الألوان الصريحة ومشتقاتها، لما كان هنالك حاجة ماسة في الاختيار, فلو تصورنا فقط بأن الحياة التي نحياها في المنزل أو العمل أو الشارع بلون واحد .. فلن يكون هنالك معنى أو مذاق للأشياء التي تراها العين وحين يغيب المعنى عن ما تراه العين فإن الاحساس بدوره سيفقد معناه أيضا وبهذا تصبح الأشياء من حولنا جامدة.. مملة ورمادية.
تسهم الألوان في عالم الديكور بنصيب وافر.. إذ أنها قد تزيد من اتساع المكان أو تجعله يبدو أضيق و أصغر، كما أن الألوان قد تستدعي الاحساس بالدفء او البرودة، بالفرح او الحزن او الغضب.. بعض الألوان ربما تبعث فينا الشعور بالاسترخاء او الغضب.. وهكذا.
الألوان الدافئة
يعد اللون البرتقالي واللون الأصفر من أكثر الالوان التي تبعث على الدفء .. وتستخدم كثيرا” في المنازل وتحديدا في غرف المعيشة التي تجمع أفراد العائلة يوميا، كذلك مكاتب العمل في المناطق التي تتميز بأجوائها الباردة معظم أشهر السنة، ولكن يجب استخدامها بحذر حيث ان اللون البرتقالي يحد من المساحات ويجعل المكان يبدو أصغر وأضيق ولذلك يتم ادخال ألوان فاتحة معه كالأبيض والبيج، إذ أن اللون البرتقالي له درجات لونية متعددة و كل درجة تتناغم مع الدرجات اللونية الملائمة لها.. ولهذا يفضل استخدامه في فرش السرير والسجاد وفي بعض قطع الاكسسوارات في أماكن العمل وفي ألوان الأرضيات والجدران التي تضفي لمسات جمالية بسيطة الى بقية تفاصيل الديكور.
أما اللون الأصفر فيجب استخدام الدرجات الفاتحة منه والابتعاد عن الأصفر الفاقع الذي يسبب الشعور بالتعب، حيث يتم عادة تجنب استخدامه في المستشفيات وأماكن العلاج لتأثيره السلبي على المريض وإعاقة سرعة شفائه… الا انه وبسبب الطاقة والحيوية التي يبعثها بسبب اشتقاقه من لون الشمس، يعد الأصفر من أنجح الألوان المستخدمة في غرف المكتب في المنزل وأماكن العمل بصورة عامة.. ولكن يجب عدم المبالغة في استخدامه. من ناحية أخرى، يمثل استخدام الأصفر في الطلاء حلا موفقا لأنه يتماشى ويتوافق الى حد ما مع بقية الألوان المستخدمة في الغرفة، مثل أقمشة الستائر والأثاث والسجاد، مع الحذر ايضا من استخدام الدرجات اللونية الفاقعة منه.
الألوان الباردة
تستخدم هذه الألوان في المناطق التي تتمتع بجو حار.. وسميت بالألوان الباردة لأنها تتفق ولون السماء والماء والثلج وهما مبعث الاحساس بالبرودة. . ويأتي على رأس هذه الألوان اللون الأزرق والبنفسجي الفاتح والأبيض.. وتتميز الألوان الباردة بأنها تبعث على الشعور بالراحة والاسترخاء ايضا” ولذلك تستخدم بكثرة في غرف الجلوس.
الأخضر والأحمر
يمثل اللون الاخضر الفاتح عاملا مهما” في الشعور بالاسترخاء والهدوء خاصة بعد يوم عمل طويل وشاق، ويعتبر الاختيار الأمثل لغرف النوم ولغرف نوم الاطفال.. كما يمكن ادخال اللون البنفسجي معه واستخدامه في بعض التفاصيل لدى اختيارنا لديكور غرفة النوم، حيث يشكل مع الاخضر انسجاما” رائعا”، فاللون الأخضر قد يكون لون لمفارش اللمسات المكملة باللون البنفسجي كالستائر او الوسائد أو بعض الاكسسوارات الصغيرة مثل قاعدة المصباح..
أما اللون الاحمر فهو لون يمثل الطاقة والنشاط ويوصف باللون الملكي لانه يعكس الشعور بالفخامة والرفاهية ولكنه –في الوقت ذاته- يحفز مشاعر الغضب اذا استمر النظر اليه لفترة طويلة.. ولذلك يستخدم هذا اللون في غرف الاستقبال والطعام والتي لانقضي فيها اوقاتا” طويلة عادة.. مع التخفيف من حدة اللون الأحمر من خلال اضافة لمسات مصاحبة له من اللون الرمادي أو الفضي أو الأبيض. كما لا ينصح باستخدام الأحمر في غرف النوم لانه يبعث على الشعور بالطاقة وعدم الاسترخاء ويسبب السهر.
الرمادي.. المحايد
يمثل اللون الرمادي رمزا للغموض والحيادية في تأثيره النفسي على المتلقي، لذلك لا يعد اختيارا مناسبا في ديكور المنزل إذا كان هو اللون الغالب، بل أنه يتم اختياره من قبل المتخصصين في الديكور باعتباره عاملا إضافيا ومكملا يستخدم –عادة- في إبراز جمالية الألوان الأخرى باعتباره من أكثر الألوان نجاحا في خلق مستوى من التنسيق والانسجام بين مختلف الألوان.. فهو عنصر مشارك قوي يلعب دورا حيويا في إضفاء لمسات جذابة في زوايا المنزل وتفاصيل قطع الأثاث والاكسسوارات.
البني.. سيد الألوان
يعد اللون البني ودرجاته (ومن ضمنها البيج) من اكثر الألوان استخداما” في الديكور لما يتميز به هذا اللون من إمكانية مزجه مع الألوان الاخرى بسهولة ومرونة.. يتصف البني بأنه لون متعادل دافىء وبسيط ويقع ضمن سلسلة الألوان الحيادية التي ترضي أغلب الاذواق وتناسب كل الفصول, فهو من الألوان الترابية المرتبطة بالطبيعة والأرض. يوصى باستخدام هذه الألوان عموما عندما يخشى بعض الناس من إحداث تغيير ملموس لدى اختيارهم للألوان في تنسيق قطع الديكور في المنزل وتنقصهم الجرأة في استخدام الوان اخرى قد تكون غير مناسبة.. وخاصة عند اتخاذ قرار تنفيذ الديكور الداخلي للمنزل بأنفسهم من دون استشارة مهندس الديكور المتخصص. ومع ذلك، يمثل اللون البني خيارا لا يقل سحرا وأناقة عن بقية الألوان. اللون البني يمكن أن يجمع الاحساس بالفخامة والبساطة في الوقت ذاته..
سحر التناقض
في عالم التصميم الداخلي- باعتباره فنا- فإن الجرأة في التغيير يمكن أن يكون لها تأثير غير متوقع في الديكور. فربما يكون لتداخل الألوان وتناسقها ما يضفي على المكان أجواء يغلب عليها الطابع الجمالي والفني، ويترك تأثيرات لم نكن نألفها وجذبا للأنظار.
من ضمن الحيل والمهارات التي تدور داخل إطار الجرأة هو المزج بين لونين متناقضين، وهي من الوسائل الشائعة في مجال التصميم الداخلي والديكور وهي مضمونه النتائج من حيث إضفاء لمسات من التجديد والفخامة ولكن من دون مبالغة.. مثل المزج بين الابيض والاسود او الاسود والاصفر او الابيض والليكي.
إن تأثير وجود لونين متناقضين كالأبيض والأسود ضمن الديكور الداخلي للمنزل، له تأثيرات ومعان كثيرة.. فهو يضفي على الأثاث مزيد من التألق والرقي والفخامة بل، يعطي للمشهد الكلي بعض العمق وربما الغموض المحبب خاصة إذا تم استخدامه وتوظيفه في غرفة المعيشة. من ناحية أخرى، يدخل اللون الأسود في اللوحات والاكسسوارات الخاصة بديكور المنزل والإضاءة.. كما يعد من الألوان الجذابة والمفضلة للمفروشات سواء أكان في غرف النوم أو المعيشة.. حيث يساعد وجود اللون الأسود على جعل الألوان الأخرى تضيء كما أنه يلغي الحدود بين قطع الأثاث ويزيد من بريق الاكسسوارات والمرايا والمصابيح في جميع زوايا المنزل.
أما الللون الأصفر .. لون الاشراق والبهجة.. فهو الاختيار الأمثل على الدوام للحصول على إضاءة جيدة للغرف المظلمة التي لا يدخلها ضوء الشمس، فلا شيء يضيء ديكور المنزل كاللون الأصفر فهو لون الشمس والضوء.. وإضافة الى بريقه فهو يعد من الألوان الدافئة التي تشعرنا بالدفء والحرارة حين النظر اليها.
على الرغم من أن اللون الأصفر يمكن استخدامه كلون أساسي – مع وجود التنسيق والحذر في استخدام درجاته اللونية المختلفة- إلا أنه قد يكون نوع من التناغم المريح إذا رافق وجوده ألوان أخرى باردة كاللون الأزرق. التناغم الذي يمكن أن نحصل عليه من وجود لونين متناقضين في مكان واحد .. كغرفة الضيوف.. يمكن أن يكون له فعل السحر الذي ينتج عن المزج بين البهجة والوقار.. الشمس والبحر.. الحرارة والبرودة.
وهكذا، فإن استخدام التبادل في الالوان الباردة والدافئة.. كما تتبادل الألوان المعتمة والمضيئة.. من شأنه أن يخلق إحساسا بتوحد المشهد والاتزان والتناسق في مكونات المكان، فإذا كان التباين بدرجة متناسبة.. ظهرت الغرفة أو المكتب بالجمال والرونق المطلوبين.
أناقة البني.. دفء البرتقالي.. غموض الرمادي نغمات باردة.. دافئة ومتناغمة تعزف سيمفونية الألوان في منزلك
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen